ورد ذكر القرين في سورة ق مرتين (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23)) (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27)) أن هذين القرينين مختلفين عن بعضهما البعض. وقبل أن نبدأ بالحديث عن القرين يجب أن ننزع من عقولنا كل الأفكار السيئة وأفكار الدجالين التي انتشرت بين الناس حول هذا الموضوع. وللقرين تعريف في اللغة وفي الشرع ونحن نشعر بهذا المعنى في حياتنا ونحن سنتكلم عن القرين من ضوء الكتاب والسنة النبوية. ففي القرآن الكريم تعريف للقرين وما يحدث بينه وبين الانسان وكذلك في الأحاديث عنه صل الله عليه والة وسلم.
من هو القرين؟
وكيف يختلف عن الصاحب أو الخليل؟. إذا بحثنا في كتب اللغة نجد أن العلماء عرفوا القرين على أنه الصاحب أو الرفيق ولكن في اللغة العربية كل كلمة لها معنى خاص بها. الصاحب مثلاً أو الصديق يكون فيه بعض صفات مشتركة مع صاحبه أما الخليل فالصفات المشتركة تكون أكثر بين الشخصين مما بين الصاحبين أما القرين فيتطابق في الصفات مع قرينه. وعندما نذكر كلمة قرين يجب أن نفكر في وجود قرينين والرسول يفتح مجال التعريف بالقرين ففي الحديث عند أحمد ومسلم وله روايتان ;ما من أحد إلا وكّل به قرين; ما من أحد إلا وُكل به قرينه من الجنّ وقرينه من الملائكة& عندما يبلغ الانسان مرحلة البلوغ ومرحلة التكليف يكون له قرينان. وقوله تعالى (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) الشمس) تبين أن الانسان هو الذي يحدد الطريق ومن عدل الله تعالى أنه لما خلق الانسان بيّن له الفجور لاجتنابه والتقوى لاتباعه وقال تعالى (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) البلد) بمعنى يا ليته اقتحم العقبة وهذا توصيف مهم فالانسان مثلاً وهو جالس وحان وقت صلاة العشاء يشعر بأن أحداً ما يدفعك للقيام للصلاة وآخر يدفعك للتمهل وتأخير الصلاة بشتى الأعذار وهذا هو التزيين فالانسان متنازع بين قرينين إضافة إلى أننا عندما نسمع حديث الرسول صل الله عليه والة وسلم نفهم أننا نحن نحافظ على قريننا ويمكن أن نعيش ومعنا القرينين وفي لحظة يمكن أن تقارب أحدهما والآخر تبعده عنك ولا يجتمع الاثنان مع بعض. أحياناً تجد أن شخصاً ممن يصلي معك الصبح في المسجد باستمرار ثم تجده يغيب بعض الوقت ثم يعود في تلك الفترة التي غاب فيها يكون قرينه من الجن قد انتصر عليه فأبعده عن الصلاة في المسجد ثم انتصر هو عليه فعاد للصلاة في المسجد.
وقرين الجن يحاول أن ينزع الانسان من منطقة الخير ويضعه في منطقة الشر وأنا أحذّر المستمعين من قرين السوء من البشر لأن قرين الانسان السيئ يزيّن له السوء وجاء وصف هذا القرين في سورة الصافات (قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51))
جاء في تفسير قوله تعالى :
( فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (52) أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ )
قال مجاهد في قوله تعالى
(إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ) : شيطان .
وقيل في الآية غير ذلك .
وهذا في شأن الكافر
ويُمكن للساحر والكاهن أن يُخاطب القرين لقوله صلى الله عليه واله وسلم : إن الملائكة تنـزل في العنان وهو السحاب فتذكر الأمر قُضي في السماء ، فتسترق الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه إلى الكهان ، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم .
والقرين شيطان ، والشياطين لا تخدم الإنس إلا ليُضلّوهم عن الصراط المستقيم .
قال عليه الصلاة وعلى اله السلام فيما يرويه عن ربه : إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين ، فاجتالتهم عن دينهم وحرّمت عليهم ما أحللت لهم ، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا .
وما منا إلا وُكِّـل به قرين ، كما في قوله عليه الصلاة والسلام : ما منكم من أحد إلا وقد وُكِّـل به قرينه من الجن . قالوا : وإياك يا رسول الله ؟ قال : وإياي ، إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير .
ولم يخلق الله الإنسان مرتين في الوقت ذاته.فقد يروّج بعض المشعوذين والخبثاء فكرة (القرين) بمعنى نسخة أخرى مطابقة للإنسان لا تفارقه.وطبعاً هذا تخاريص ووهم.وحقيقة الأمر أنه ربما يوجد قرين من الجن غالباً وربما من الإنس (وهو إحتمال ضعيف) لكل إنسان عموماً ولكن ليس نسخة خلقية منه بل مخلوقاً آخر (ملازماً) لا علاقة له به كما يكون لك صديق أو صاحب يأنس لك ويفضلك على غيرك.
قال قائل منهم إني كان لي قرين(51) الصافات ..أي صاحب من الإنس .
ولكن القرين (الشيطاني) لا يكون إلا لمن ينسى ويعرض عن ذكر الله .هذا هو القرين الحقّ الذي أخبرنا به القرآن ، وعلى ذلك فإن الإنسان المسلم الصادق والمتقي لله يكون إحتمال أن يكون له قرين شيطاني من الجن ضعيف جداً.
ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين(36) الزخرف
وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم (25) فصلت
ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا(38) النساء
وسيندم الذي غفل عن ربه ،على مصاحبة ذلك القرين له يوم القيامة ..
حتى إذا جاءنا قال ياليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين(38) الزخرف
وسيتنكر منه قرينه حينئذ ويتبرأ من عمله ...
قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد(27) ق
والجن امم مثلنا يموتون ولهم رسل (مما يدل على الفترات الزمنية) والا كان لهم رسول واحد فقط.
يامعشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم (130) الأنعام ..وأنهم كانوا أمماً (فترات زمنية)..
أولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين(18) الأحقاف
لكن ابليس لعنه الله قد يكون حالة خاصة فربما لا يكون ميتاً.
وديدن الكافر هو رفض الحق باعتباره سحرا ..
ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين(7) الأنعام
وقالوا مهما تأتنا به من ءاية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين(132) الأعراف
فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين(76) يونس
ربما يستطيع المكذب في الدنيا أن ينعت آيات الله بأنها مجرد سحر ووهم دون أن يصيبه الضرر ،بل وقد يصدّق ظنه ويعجب بذكائه العجيب، ولكن يوم القيامة وعند رؤيته آية نار جهنم وعذاب الحريق لن تفيده كلمة (سحر) بشيء :
هذه النار التي كنتم بها تكذبون(14)أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون(15) الطور
لن ينفع المكذبين اليوم أن يقولوا أن جهنم ليست حقيقة وأنها مجرد سحر .. فهنيئاً لكل أعمى ولكل مكذّب نار جهنم وبئس المصير.
عمل القرين من الشياطين
الوسوسة والشكّ والظنّ وتزيين الباطل للإنسان.
التّعاون مع السّحرة وشياطينهم في حالة الحاجة إليه.
وذُكِر القرين في القرآن الكريم في عدّة مواضع، وبيّنت هذه المواضع أنّه يضرّ الإنسان، ويزيّن له المعاصي في أغلب الحالات، ومن ذلك:
قوله تعالى: (ومن يعشُ عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانا فهو له قرين) ( الزّخرف 36).
قوله تعالى: (قال قائلٌ منهم إنّي كان لي قرين) (الصّافات 51).
قوله تعالى: (حتّى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بُعد المشرقين فبئس القرين) (الزّخرف 38).
أعراض القرين المؤذي للإنسان
الشّعور بالحزن والضّيق في أغلب الأوقات، ويصاحب ذلك الهمّ والبكاء أحياناً.
عدم الشهيّة للطّعام.
قلّة الرّغبة في إنجاز الأمور.
قلّة النّوم، وكثرة الأحلام المزعجة.
ضعف التّركيز، والخمول، والصّداع، والإحباط، وتمنّي الموت، وانخفاض الوزن.
توقّف العادة الشهريّة عند المرأة، أو إصابتها بنزيف.
إصابة الرّجل بضعفٍ جنسيّ.
ويمكن التغلّب على هذا القرين المؤذي للإنسان عن طريق التحصّن وقراءة القرآن، والمحافظة على أذكار الصّباح والمساء، وقراءة سورة البقرة كلّ ثلاثة أيّام مرّةً؛ فهي طاردة للشرّ وللسحر.
0 تعليقات على " مامعنى القرين وما دوره مع الانسان وما وظيفته؟ دور القرين مع الانسان "