لأفضل تصفح للمدونة

الأربعاء، 11 مايو 2016



ادعت امرأة في ألمانيا بأنها تعرضت لمحاولة التنويم الإيحائي وذلك خارج سوبرماركت حيث صرحت بأنها وضعت في حالة من الغشية لتصحو لاحقًا وهي في منزلها ثم لتعلم أنها تعرضت للسرقة.
وما جاء في الخبر المنشور ذلك: " تم إلقاء القبض على شخصين من الممارسين للتنويم الإيحائي بعد أن ادعت الضحية بأنها وضعت تحت تأثير الغشية وذلك قبل سرقتها " ، وتحقق الشرطة في ألمانيا في سلسلة من الجرائم التي تورطت فيها إمرأتان روسيتان كانتا تخبران ضحاياهما بأنهما يقرآن مستقبلهم، وفي إحدى تلك الحوادث أطلعت (سارة أليكسييفا) والبالغة من العمر 66 سنة المباحث بأنها كانت تتحدث خارج سوبرماركت (ألدي) الكائنة في إيلمشرون شليسويغ‐هولستن ، لكن كل ما تعرفه لاحقًا هو أنها كانت في حالة من الغشية وجالسة على كرسيها في منزلها في حين اختفت كل مجوهراتها وأشيائها الثمينة وذلك حسب ما قالته الشرطة.
على الرغم من أن إدعاءات كهذه ليست من الامور المألوفة، إلا أنها ليست أيضًا من الأمور التي لا نسمع عنها ، ففي قصة أخرى نشرتها بي بي سي في عام 2008 : " نشرت الشرطة في إيطاليا صورة لرجل أشتبه في أنه يقوم بتنويم موظفي صناديق البيع (الكاشيير) بهدف السطو على ما تحويه خزائن المال لديهم " .

لكن في كل حالة ، كان آخر شيء يتذكره هؤلاء الموظفين أن السارق ينحني أمامهم ويقول : " أنظر في عيناي " ، وذلك قبل أن يلاحظوا بأن خزائنهم فارغة من المال . 

في المجمل هناك ميل للإعتقاد بين الناس بإمكانية "سحر" الشخص من خلال شخص منوم يطلب منك التحديق عميقًا في عينيه أو يسألك أن تتبع ساعته المعلقة التي تتأرجح جيئة وذهابًا مع الإصغاء إليه وهو يعد تنازليًا، في غشية تنويمية ، في الواقع جميع هذه الأفكار محض خيال.


التنويم الإيحائي الذي أسيء فهمه

يعتبر التنويم الإيحائي (المغناطيسي) ظاهرة نفسية لطالما أسيء فهمها وهذا مرده في الغالب إلى التصورات المغلوطة في الثقافة الشعبية وفي الأفلام. فالعديد من الناس يعتقدون بأن التنويم طريقة للوصول إلى الذكريات المتعلقة بالاحداث الكارثية والمؤلمة لدى الشخص والتي جرى بشكل ما إخفاؤها أو نسيانها.
ويذكر (د.أيان نيث) من جامعة بوردو في كتابه الذي يحمل عنوان " ذاكرة الإنسان : مقدمة في البحوث والبيانات والنظريات" ، بأن أغلبية الدراسات لم تجد دليًلا على أن التنويم الإيحائي يسمح لنا بجمع معلومات لا يمكن إسترجاعها بطريقة أخرى".
في الواقع يوجد قدر كبير من الخطورة بأن أي معلومات أو ذكريات يمكن إسترجاعها تحت تأثير التنويم الإيحائي يمكن أن تكون زائفة أو كاذبة حيث جرى إكتسابها صدفة يتأثير قوة الإيحاء من الشخص المنوم ، ولقد لعبت الذكريات الكاذبة دورًا فيما يسمى بـ "الذعر الشيطاني" خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي حيث تجمع عدد من الناس واتهموا بشكل خاطئ بممارسة الإعتداء الجسدي والجنسي على الأطفال. حتى أن بعضًا منهم قضوا سنوات وعقودًا في السجن لجرائم لم يرتكبوها وكل هذا إستنادًا إلى أدلة ضئيلة أو معدومة سوى من ذكريات ساقتها إلينا عملية التنويم الإيحائي .
وهناك خرافة شائعة حول التنويم الإيحائي وهي أنه يمكن وضع الشخص في حالة من الإذعان والعجز أو أنه ينفذ كل ما يطلب منه في حالة الغشية، وهذا بالنسبة إلى الأخصائيين النفسيين مجرد فكرة لا
أساس لها.
إذا كان ممكنًا وبسيطًا أن يقود التحديق بقوة في أعين الغريب إلى تحفيز حالة شبيهة بالغشية أو حالة إذعان عندئذ سيحصل ذلك طيلة الوقت ، وسيكون بمقدور أي شخص لديه ممارسة أو مهارة في التنويم أن يتحول إلى حياة الإجرام من خلال الذهاب إلى المصرف وإلقاء نظرة قوية تنويمية على صاحب الصندوق ثم أخذ ما يرغب من مال ، وفي كتابهم " أبرز 50 خرافة شعبية حول الطب النفسي " يفضح كًلا من (سكوت ليلينفليد) و(ستيفن جاي لين) و(جون رسيكو) و(باري بيرشتاين) هذه الخرافة المشهورة ، كما أظهر إستبيان مؤخرًا بأن الرأي العام متوافق مع ما تروجه وسائل الإعلام عن التنويم الإيحائي وعلى وجه التحديد أيدت نسبة 77 بالمئة من طلاب المعاهد العبارة التي تقول : " التنويم الإيحائي هي حالة مغايرة من الوعي، وهي مختلفة تمامًا عن الوعي العادي عند الإستيقاظ "، إلا أن البحوث تدحض هذه المعتقدات المقبولة على نطاق واسع وكذلك تدحض عبارة : " الأشخاص تحت تأثير التنويم لا يسيطرون على عقولهم وينفذون ما يؤمرون به كالروبوت".

فقدان الوزن تحت تأثير البلاسيبو (المعالجة بالوهم)

يعتقد العديد من الأخصائيين النفسيين بأن التنويم الإيحائي ليس حالة مغايرة من حالات الوعي بل هو بكل بساطة شكل من الإسترخاء العميق. إن عروض التنويم الإيحائي التي يمكن مشاهدتها بشكل حركات تمثيلية في مدينة مثل (لاس فيغاس) حيث تجد أفرادًا من الجمهور يصعدون على خشبة المسرح ويتظاهرون بأنهم كالدجاج الذي يسهل تنوميه أو نجدهم قد وقعوا في أوضاع محرجة هو في الواقع ليس تنويمًا إيحائيًا إكلينيكيًا (سريريًا) وإنما كوميديا عروض فنية يشارك فيها ممثلون سواء من الجمهور أو من هؤلاء القائمين على العرض. وتوجد بعض الأدلة على أن التنويم الإيحائي يمكن له أن يكون مفيدًا في معالجة مشاكل صحية متصلة بالعادات السيئة مثل الإقلاع عن التدخين أو فقدان الوزن ولا نغفل دور تأثير البلاسيبو (العلاج بالوهم) حيث يكون فيه الشخص من أولئك يملكون مستوى عال من الحوافز لتغيير عاداته فيأخذ هذا التأثير دفعة قوية من مجرد الإعتقاد بأن التنويم الإيحائي قادر على المساعدة في علاج مشكلاتهم ، ومع ذلك ما زال الدليل ضعيفًا في ذلك الشأن لأن الأشخاص الذين يسعون وراء التنويم الإيحائي للمساعدة في حل أو علاج مشكلاتهم هم في الأصل من هؤلاء الذين يملكون حافزًا قويًا للتغيير ، فأي نسبة تحسن إضافية قد تكون ناجمة عن ذلك الحافز سواء تم ذلك بمنفعة من التنويم الإيحائي أو بدونه. 
ليس من الواضح لماذا يعتقد شخص أو يفترض بأنه أو أنها قد وضع تحت تأثير غشية تنويمية رغم أنه لم يتعرض لها أصًلا، قد تكون هذه الإعتقادات راجعة إلى فقدان الذاكرة أو التشوش ومع ذلك لا يوجد سبب يدعو للخوف من "المنومين قطاع الطرق".

تعقيب
بالطبع يتبع السارق أساليب أكثر دهاء إما بمفرده أو بمساعدة شخص آخر من خلال تشتيت إنتباه الضحية عن الهدف الثمين للسرقة وهذا يختلف عن التنويم الإيحائي وبالتالي تسهيل عملية الإختلاس ، لكن الأخصائيين النفسيين يرفضون في أن يكون للتنويم الإيحائي دور مؤثر في تلك السرقات حيث تبقى مجرد مزاعم من الضحايا ربما لكي لا يظهروا بمظهر الأغبياء والسذج أو يظهروا بمظهر اللامتكرثين لأموالهم وبذلك يتحاشون النصائح التي تحضهم على الحرص والإنتب.
0 تعليقات على " هل يمكن أن تنجح وسائل التنويم الإيحائي مع السارقين "

جميع الحقوق محفوظة طريقة                                                                                                                           تطوير وتكويد     Mohamed Jiari | Ti9niFOUR